عاشق الرومانسية
عدد الرسائل : 518 العمر : 36 علم بلدك : تاريخ التسجيل : 04/12/2007
| موضوع: رواية الشعر العربي: الجمعة ديسمبر 07, 2007 2:58 am | |
| الشعر العربي وصل إلينا عن طريق الرواية، فالذين رووا الشعر الجاهلي بعد ظهور الإسلام كانت روايتهم لا تتعدى الجد الرابع أو الخامس. أما ما يقال عن تدوين الشعر بالكتابة في العصر الجاهلي فهو قول فيه نظر. وقد تضاربت الآراء حول كتابة المعلقات وتعليقها على الكعبة؛ فياقوت الحموي ينفي ذلك بقوله: "ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة[8]" فالكتابة محدودة في العصر الجاهلي وليست شائعة وإنما يعتمد العرب في حفظ أشعارهم وتَدَاولها على الرواة، والشعر الجيد يفرض نفسه على الرواة فيتناقلونه ويحفظونه، والدليل على ذلك قول المُسَيَّب .... علس[9]: فَلأُ هْدِيَنَّ مَعَ الرِّيَاحِ قَصِيـدَةً مِنِّي مُغَلْغَلَةً إلى القَعْـقَاعِ تَرِدُ المِيَـاهَ فَمَا تَزَالُ غَـرِيْبَةً في القَوْمِ بَيْنَ تَمَثُّلٍ وسَمَاعِ ومنذ أن عرف الشعر الجاهلي وله رواة ينقلونه إلى من بعدهم؛ فالأعشى يروي شعر المسيب بن علس، وطرفة يروي أشعار المتلمس. وهناك سلسلة من الرواية المتصلة نجعلها مثلاً لرواية الشعر الجاهلي؛ فشعر أوس بن حجر رواه زهير بن أبي سلمى، وزهير روى شعره الحطيئة، والحطيئة راويته هُدْبَة بن خشرم، وهدبة بن خشرم روى عنه جميل بثينة، وجميل بثينة روى عنه كُثيِّر عزة[10]. فمن خلال ما تقدم يتضح لنا اهتمام العرب برواية الشعر الجاهلي وحفظه وتناقله. وكان العرب في عصر صدر الإسلام يحفظون أشعارهم على الرغم من الاشتغال بالفتوحات؛ فقد اشتهر عن أبي بكر رضي الله عنه بأنه راوية للأنساب وللشعر، وفي زمن النزاع بين قريش والمسلمين كان أبو بكر هو الذي يخبر حسان بمثالب قريش، ومعرفته تكل مبنية على حفظه لأشعار العرب وما قيل في تلك القبيلة أو في ذلك الرجل من الشعر، وكان الصحابة والتابعون يروون الأشعار في المسجد، بل إن .... عباس لا يجد حرجاً في إنشاد قصيدة كاملة لعمر بن أبي ربيعة المعروف بغزله، وهذا يدل على اهتمام العرب برواية الشعر في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي. والشعراء الكبار في العصر الأموي هم الذين كوَّنوا أنفسهم عن طريق رواية الأشعار، فهم شعراء ورواة؛ ولذلك نجد الفرزدق [11] يفتخر بروايته شعر الفحول يقول: وَهَبَ القَصَائِدَ لي النَّوَابغُ إذ مَضَوْا وأبو يَزِيْدَ وذو القُروحِ وجَرْوَلُ[12] والفَحْلُ عَلْقَمَةُ الذي كانت له حُلَلُ المُلوكِ كَلاَمُه لا يُنْـحَل[13] وأخو بَـني قَيْـسٍ وهُنَّ قَتَـلْنَه ومُهَلْهِلُ الشُّعَـراءِ ذَاكَ الأَوَّلُ[14] والأعْشَيَانِ كِلاَهُـمَا ومُرَقـِّشٌ وأخُو قُضَاعـَةَ قَوْلـُهُ يُتَمثَّـلُ[15] وكان جرير وهو من كبار الشعراء في العصر الأموي يروي كثيراً من الشعر. ومثل الفرزدق وجرير غيرهما من الشعراء الإسلاميين، وبعد انتهاء القرن الأول برز في الكوفة والبصرة رواة نذروا أنفسهم لرواية الشعر بل إنهم جعلوا رواية الشعر وتدوينه حرفة لهم ومن هؤلاء: 1- أبو عمرو بن العلاء وكان من أشهر رواة البصرة وقد توفي سنة 154هـ وهو من الرواة الثقات[16] 2- حماد الراوية وهو من رواة الكوفة، وقد روى أشعاراً كثيرة إلا أنه متهم بوضع الشعر، وقد توفي سنة 155 هـ[17]. 3- المفضل الضَّبى من رواة الكوفة وهو صاحب الاختيار المعروف بالمفضليات وقد رواه عنه .... الأعرابي. وقد توفي سنة 189 هـ[18]. 4- أبو عمرو الشيباني من رواة الكوفة وقد جمع شعر مائة وثمانين قبيلة وقد توفي سنة 206 هـ[19]. 5- أبو عبيدة من رواة البصرة وقد توفي سنة 210 هـ[20] 6- الأصمعي من أشهر رواة البصرة وقد توفي سنة 213 هـ[21]. 7- .... الأعرابي: من رواة الكوفة وكان من تلاميذ المفضل الضَّبي، وهو من أشهر رواة الشعر، وقد توفي سنة 231 هـ[22]. وقد انصبت الرواية ودونت في دواوين شعرية نجدها بين أيدينا الآن ومنها: المفضليات، والأصمعيات، وحماسة أبي تمام، وحماسة البحتري، وكتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي، وعلى الرغم من الاعتماد على التدوين في القرن الثالث الهجري إلا أننا نجد السند أي سند الرواية يثبت في الكتب المدونة؛ لما له من الأثر في النفوس؛ فأبو الفرج الأصبهاني صاحب كتاب الأغاني يعتمد على الرواية في إثبات الشعر الذي دونه في كتابه الذي بلغ واحداً وعشرين جزءاً، وهو من أشهر كتب الأدب التي ألفت في القرن الرابع الهجري. وبهذا العرض المفصل لرواية الشعر الجاهلي نكون قد وقفنا على رواية الشعر الجاهلي ووصوله إلينا في هذا العصر. | |
|