- رام الله
حركة حماس استولت على غزة في عهد حكومة هنية
|
لكل أجل أوانه في الرحيل، وها هو عام آخر يرحل أيضاً مخلفاً وراءه إرثاً ثقيلاً من الانقسام داخل النظام السياسي الفلسطيني وسلطة قرار تتأرجح بين غزة ورام الله والكثير الكثير من الذكريات والمواقف يحملها الفلسطينيون معهم إلى العام الجديد.
فعلى ناصية أحد الشوارع في مدينة رام الله، التقينا أبا نزيه، يفترش الرصيف أمام متجره لبيع السجاد وحوله اجتمع جيرانه من التجار وبعض المارة في مشهد يكاد يكون مألوفاً لأهل المدينة.
، ويحتضن ابا نزيه ربابة احترف العزف عليها ومرافقتها بمواويله الحزينة التي غالباً ما تتناول الوضع السياسي ونشرة الأخبار السياسية وأخبار الحواجز العسكرية إن لزم الأمر.
آمال أبا نزيه للعام الجديد "تشبه ما تمناه العام الماضي والذي سبقه" كما يقول، وتتلخص بالنسبة له بالاستقرار والأمان المفتقدين في الأراضي الفلسطينية.
اما جاره وصديق عمره أبو وجيه يبدو أكثر تشاؤماً في ظل التطورات الأخيرة حيث "لم يخطر على بال أحد أننا سنشهد الأخ يقتل أخاه لأجل المناصب والسلطة وننسى أن الاحتلال ما زال قائماً يقتل أحلامنا وآمالنا بالجدار والاستيطان" .
عام الانقلابات السياسية وبجدارة، استحق العام المنصرم لقب عام الانقلابات والزلازل السياسية..حيث خرجت السلطة التنفيذية من يد حركة فتح للمرة الأولى في تاريخ النظام السياسي الفلسطيني وشكلت حماس بقوة الأغلبية ثلاث حكومات متوالية في أقل من عام قبل أن تستولي على السلطة المطلقة في غزة حزيران يونيو الماضي.
وخلال العام المنصرم كذلك، رد الرئيس عباس على ما اصطلح على تسميته بانقلاب غزة بتضييق الخناق على أنصار حماس في الضفة فاعتقل أنصار الحركة وأغلق المؤسسات التابعة لحماس من إعلامية واقتصادية وثقافية.
محمود عباس يرفض التفاوض مع حماس مالم تتخل عن ما وصفها بانقلابها
|
وعمد عباس بعد ذلك الى تقوية أجهزته الأمنية وشرع في تطبيق خطة أمنية مرحلية كانت نابلس محطتها الأولى التي وصفها سلام فياض، رئيس حكومة الطوارئ الفلسطينية بأنها " تبشر بالكثير حيث تعيد لأجهزة الأمن الفلسطينية هيبتها وتفرض القانون بما ينهي حالة الانفلات الأمني ويحد من ظاهرة فوضى السلاح" .
هذه الخطة وإن حظيت بمباركة المجتمع الدولي، لم ترق لقادة حركة حماس.
فقد اعتبرها هؤلاء محاولة من الرئيس عباس لحسم الصراع على السلطة بينه وبينهم على حد وصف حسين أبو كويك، أحد أبرز قيادات حماس في الضفة الغربية وذلك "عبر الاستعانة بطرف ثالث يمثله الدعم الدولي لأجهزة الأمن التابعة في ولائها للرئيس عباس على حساب القوة التنفيذية التابعة لحماس".
احتدام الاستقطاب الحاد بين حركتي فتح وحماس انعكس على بقية الفصائل الفلسطينية بالغياب الكامل عن ساحة التأثير في القرار الداخلي، فيما ضلت أصابع الاتهام طريقها وهي تحاول تحديد المسئول المباشر عن هذه الحالة.
وفي الطريق أيضاً اختلط الشك باليقين حول قدرة الفصائل الأخرى على حسم الصراع وخلق الاستقرار المنشود.
وعن دور الفصائل الأخرى في حسم هذا الاستقطاب، قال بسام الصالحي، أمين سر حزب الشعب أن "النظام السياسي الفلسطيني الحالي يمثله يمين متطرف ومعتدلون أقرب لليمين وهناك حيز محجوز لليسار الفلسطيني الذي لا يبدو أنه يملأ هذا الحيز كما يجب".
ويعتقد الصالحي أن الكثير من العمل ينتظر اليسار الفلسطيني ليتمكن من ملئ الثغرة التي خلفها الاستقطاب بين قطبي القرار فتح وحماس.
ويبدو أن إنهاء حالة الاقتتال ونجاح الحوار بين الأخوة بغض النظر عن النتائج ستشكل مجتمعة شرعية جديدة للرئيس عباس تساعده على ان يستكمل بقوة فترة رئاسته التي اهتزت بقوة بعد سلبه السلطة والسيادة في غزة.
وهكذا سيشكل العام الجديد بكل وعوده وآماله العلامة الفارقة فيما يبدو وكأنه فرصة الشارع الفلسطيني الأخيرة لسلطته لضبط الوضع الذي هو من صنعها ومن مسئوليتها كذلك.