شهد عام 2007 في الجزائر عدة أحداث سياسية، كالانتخابات التشريعية والمحلية وتراجع الإسلاميين عما كانوا عليه في الانتخابات السابقة، بينما كانت الجزائر عاصمة الثقافة العربية.
اما الأحداث الاقتصادية فمن اهمها التوقيع على عقود مع فرنسا بأكثر من 5 مليارات يورو.
شهد الجزائر تطورا نوعيا من حيث الأسلوب والأماكن المستهدفة بتفجيرات انتحارية
|
على مستوى الوضع الأمني شهد الجزائر تطورا نوعيا غير مسبوق من حيث الأسلوب والأماكن المستهدفة في تفجيرات انتحارية، استهدف أحدها موكب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في باتنة بالشرق الجزائري، حيث كان يقوم بزيارة تفقدية لمشاريع تنموية في خمس ولايات. وراح ضحية تلك التفجيرات، حسب حصيلة رسمية، أكثر من 130 شخصا.
فُسرت تلك التفجيرات انها تهدف لتقويض مسعى المصالحة الوطنية الذي طرحه الرئيس بوتفليقة لحل الأزمة الجزائرية، والقاضي بالعفو عمن تورطوا في أعمال العنف باستثناء جرائم الاغتصاب والمجازر والتفجير في أماكن عامة، مع حرمان قادة جبهة الإنقاذ من الحقوق المدنية والسياسية كمسؤولين عما جرى في الجزائر، كما جاء في ديباجة ميثاق المصالحة من أجل السلم.
وقبل بضعة أيام على نهاية العام شن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ما لا يقل عن أربعة عشر هجوما مسلحا على مقار الدرك والشرطة في ولايات تيزي أوزو والبويرة وبومرادس.
وجاءت هذه العمليات بعد أسبوعين على انفجارين هزا العاصمة، استهدف أحدهما مقر الأمم المتحدة، مما أثار ردود فعل دولية غير مسبوقة، استدعت حضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للجزائر، حيث أكد على مساندة الحكومة الجزائرية.
مشهد من احد التفجيرات التي شهدتها الجزائر في 2007
|
وبدوره زار خوزيه سوقراطيس رئيس الوزراء البرتغالي، الذي كانت بلاده تترأس الاتحاد الاوروبي، الجزائر تضامنا معها، وقال "جئت للجزائر باسم الاتحاد الأوربي للتضامن معها، ونندد بشدة بتلك التفجيرات، ونحن على استعداد للتعاون مع الجزائر لمحاربة الإرهاب".
تباين في تفسير دوافع التفجيرات وفي الجزائر تجمع الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني على التنديد بتلك التفجيرات، وتتباين في تفسير دوافعها، فجبهة القوى الاشتراكية أول حزب معارض في الجزائر، ترى الخلل في أسلوب معالجة الأزمة كما قال أمين عام الحزب عبد الكريم طابو " المعالجة الأمنية لأزمة سياسية لن تؤدي إلى حل نهائي وحل سياسي، وعدم نجاعة أساليب النظام في حل الأزمة يطرح سؤالا عن الأساليب الواجب على النخبة السياسية اتباعها لحل هذه الأزمة".
بينما يرى عبد العزيز بلخادم أمين عام جبهة التحرير الوطني - الحزب الحاكم - أن المستهدف هو المشروع الوطني.
وقال ان "هذه التفجيرات سواء التي استهدفت قصر الحكومة أو في باتنة أو دلس أو مقر الأمم المتحدة، كلها محاولات يائسة للنيل من المشروع الوطني، المتمثل في السلم والتنمية وهذا ما يريده شعبنا، وهؤلاء الذين يقومون بهذه الجرائم طاشوا عن الشعب الجزائري".
من المستفيد؟ بينما زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون تتساءل عن المستفيد من وراء تلك التفجيرات "المستهدف الأول هو حق الشعب في السلم، حق الشعب الجزائري وحده في تقرير مصيره في القضايا السياسية الإقتصادية المطروحة، ونحن نتساءل من له مصلحة في اللاستقرار في الجزائر".
احد ضحايا انفجار استهدف مقر رئيس الحكومة في وسط العاصمة
|
وكان وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني قد صرح بأن "عودة الجزائر إلى الساحة الدولية ربما ضايقت بعض المصالح الأجنبية" دون أن يسميها.
لكن رضوان، وهو طالب جامعي، يشير بوضوح إلى ذوي هذه المصالح بقوله "موت اثني عشر شخصا أجنبيا يعملون بمقر الأمم المتحدة يكون ذريعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدخولها الجزائر باسم حماية مؤسسات دولية، كما أن الرئيس الفرنسي ساركوزي استلم مفاتيح قسنطينة خلال زيارته للجزائر، يعني المصالح الفرنسية والمصالح الأمريكية تجعل الجزائر حلبة صراع بين الطرفين".
وأيا كانت الدوافع لتك التفجيرات تبقى مرفوضة لدى الجزائريين جملة وتفصيلا. كما يقول عمر 32 سنة، وهو موظف، "كفانا دماء، عشر سنوات ونحن بالدم يكفي هذا".
وتضيف بركات علجية 56 سنة، ربة بيت، وهي تبكي مر رمضان والعيد بالفرح قلنا عادت الجزائر للسلم، فضربونا في عيد الأضحى. وتضيف "علاش ويش درنا حبينا نعيش بالسلم".
اما بوعلام، الذي يبلغ من العمر 65 سنة ومتقاعد، فيقول "ماجرى لا يتصوره العقل، كارثة راح ضحيتها الفقير".
هذه التفجيرات التي هزت العاصمة مرتين ، واستهدف أحدها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة طرحت سؤالا لدى الرأي العام ، كيف أن الجماعات المسلحة لم تستطع في أوج قوتها ضرب أماكن أقل أمنا من قصر الحكومة ومقر الأمم المتحدة ، وتقوم بذلك في ظل المصالحة الوطنية ؟ يبقى الجواب في بطن الأيام القادمة.